شهدت منصة تيك توك (TikTok) تحولًا مفاجئًا في مشهدها العالمي، حيث أصبح مستقبلها في الولايات المتحدة مهددًا بشكل كبير بسبب المخاوف الأمنية والسياسية. في الأشهر الأخيرة، كانت الحكومة الأمريكية تتطلع إلى اتخاذ خطوات حاسمة بشأن تطبيق الفيديو الشهير، مع توجه نحو فرض حظر محتمل على الخدمة في حال لم يتم التوصل إلى حل لتمويل شركة “بايت دانس” المالكة للتطبيق وتفاصيل إدارة بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة. في هذا السياق، تُعد صفقة بيع تيك توك إلى شركة أمريكية أو تغيير هيكل ملكيتها من الحلول المطروحة لتجنب الحظر المرتقب.
الخلفية السياسية: ما هي أسباب الحظر؟
أثار تطبيق “تيك توك” جدلاً واسعًا في الولايات المتحدة بسبب القلق المتزايد من أن الشركة الأم الصينية “بايت دانس” قد تستخدم بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني أو قد يتم تسليمها للحكومة الصينية. المشرعون الأمريكيون يخشون أن يتم استخدام هذه البيانات لغايات استخباراتية أو التأثير على الرأي العام، خاصةً في ظل الظروف الجيوسياسية المتوترة بين الولايات المتحدة والصين.
الحكومة الأمريكية تضع شروطًا لبيع تيك توك
منذ أن بدأ الحديث عن الحظر، كان المسؤولون في الإدارة الأمريكية قد طرحوا فكرة فرض بيع تيك توك لشركة أمريكية، وهو ما بدأ يكتسب زخماً في الأشهر الأخيرة. كان ترامب في البداية يدفع من أجل بيع التطبيق إلى شركة أمريكية في محاولة لحماية الأمن القومي. وقال الرئيس السابق دونالد ترامب في أغسطس 2020 إن تيك توك بحاجة إلى بيع أعمالها في الولايات المتحدة لشركة أمريكية بحلول سبتمبر 2020، مهددًا بفرض حظر على التطبيق إذا لم يتم الاتفاق على صفقة بيع.
المفاوضات حول صفقة البيع: من يتنافس على تيك توك؟
بعد هذا الضغط الحكومي، بدأت العديد من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة تتقدم بعروض لشراء تيك توك، ومنها شركات مثل “مايكروسوفت” و”أوراكل”، حيث كانت تسعى كل من هذه الشركات إلى تحقيق الاستفادة من القاعدة الجماهيرية الكبيرة لتيك توك في الولايات المتحدة، في ظل رغبتها في التوسع في السوق الرقمية والترفيهية.
في المقابل، أعربت “بايت دانس” عن استعدادها للتفاوض بشأن بعض الحلول التي قد تؤدي إلى بيع أصول معينة تتعلق بالعمليات في الولايات المتحدة، ولكن دون التفريط في ملكيتها بالكامل. كانت الشركات مثل “أوراكل” قد اقترحت أن تتولى دور مستشار أمني لشركة تيك توك في الولايات المتحدة، لتقديم ضمانات بشأن حماية البيانات والمعلومات الحساسة للمستخدمين الأمريكيين.
التوصل إلى صفقة مع أوراكل
في بداية عام 2021، يبدو أن الأمور قد تمضي نحو انفراج. أعلنت تقارير صحفية أن شركة “أوراكل” توصلت إلى اتفاق مع “بايت دانس” للاستحواذ على العمليات الخاصة بـ “تيك توك” في الولايات المتحدة، مع الحفاظ على الهيكلية الأساسية لشركة تيك توك. وبموجب الاتفاق، ستتولى أوراكل مسؤولية تأمين بيانات المستخدمين الأمريكيين، وهو ما يعتبر واحدًا من أبرز الشروط التي طالب بها المشرعون الأمريكيون لضمان حماية الأمن القومي. كما ستشرف أوراكل على عملية الفحص الأمني لجميع البيانات المتدفقة داخل النظام الخاص بالمنصة في الولايات المتحدة.
مقترح لك: فيسبوك تبدأ في تغيير سياستها لتخفيف القيود على حرية الرأي
عقبات قانونية: صراع في المحاكم
على الرغم من التوصل إلى اتفاق مع “أوراكل”، فإن الحكومة الأمريكية لم توافق رسميًا على الصفقة حتى الآن. ويُنظر إلى الصفقة على أنها محاولة للتوصل إلى حل وسط بين رغبة الولايات المتحدة في حماية أمنها القومي وبين الحاجة إلى الحفاظ على وصول المستخدمين الأمريكيين إلى التطبيق.
لكن الأمور لم تكن سلسة تمامًا. في سبتمبر 2020، أعلنت المحكمة الأمريكية تجميد قرار الحظر الذي كان من المقرر تنفيذه على تيك توك، مما أتاح مزيدًا من الوقت لشركة “بايت دانس” للبحث عن حل. هذا التجميد القضائي خلق حالة من الضبابية حول المستقبل القانوني لتيك توك في الولايات المتحدة، خصوصًا أن الحكومة الأمريكية استأنفت القرار، وهو ما قد يؤخر صفقة البيع أو يؤثر في شروطها النهائية.
موعد الحظر النهائي وتداعيات الصفقة
مع استمرار تصاعد الضغوط، تم تحديد موعد نهائي لموافقة الحكومة الأمريكية على صفقة بيع تيك توك أو فرض الحظر عليها. هذا الموعد كان محددًا في أواخر عام 2020، لكنه تم تمديده أكثر من مرة بسبب التعقيدات القانونية والسياسية، حتى بات الحظر وشيكًا في حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي.
من المتوقع أن تترتب على الحظر تداعيات ضخمة ليس فقط على “تيك توك”، ولكن أيضًا على الملايين من المستخدمين الأمريكيين الذين يعتمدون على المنصة في التواصل والترفيه. كما أن الحظر سيؤثر على الشركات التي تعتمد على تيك توك في تسويق منتجاتها وخدماتها.
الخلاصة: هل ستنجح الصفقة؟
يبقى السؤال الأهم هو: هل ستتمكن “بايت دانس” من إتمام صفقة بيع “تيك توك” بشكل يتوافق مع مطالب الحكومة الأمريكية؟ في حين أن الاتفاق مع “أوراكل” يبدو خطوة كبيرة نحو حل المشكلة، إلا أن المشهد السياسي والقانوني في الولايات المتحدة لا يزال متقلبًا، مما يجعل من الصعب التنبؤ بما سيحدث في النهاية.
التعليقات